إضاءة بقلم القاضي عماد النبيه

غزة – المجلس الأعلى للقضاء

إضاءة بقلم القاضي/ أ.عماد النبيه – قاضي محكمة بداية غزة

لوحظ بعد كل جريمة قتل ، تنهال الاتهامات من البعض على القضاء بالتقصير ، في الحكم بالعقوبة الرادعة للقاتل .
إن الأمر ليس بالهين ،فجريمة القتل أخطر جريمة تقع على النفس البشرية ، وليكن معلوما أن عقوبة القتل العمد في القانون تتفق وأحكام الشريعة الإسلامية وهي اﻹعدام .
بيد أنه حتى يصل القضاء للحكم بالقصاص من الجاني لا بد أن تمر القضية وجوبا بمراحل عديدة نتاج جهد عظيم من اﻷجهزة اﻷمنية والقضائية من مباحث عامة وأجهزة شرطة ونيابة عامة وصولاً للقضاء منذ وقوع الجريمة ، والبحث عن القاتل ، وجمع اﻷدلة والتحقيقات مع المشتبه بهم ، ومعرفة القاتل الحقيقي ، ومن ساهم معه بتسهيل فعلته أو شاركه فيها ، واستجواب القاتل ، وضبط أدوات الجريمة ، وفحص جثة المغدور ، ومعرفة سبب الوفاة ، وما إذا كان يتفق واﻷداة المستخدمة ، ومدى نسبته لفعل الجاني .
وبعد هذه الجهود المضنية و اطمئنان النيابة العامة للفاعل الحقيقي واشرافها وإدارتها لكل ماسبق يتم إحالة القضية للقضاء الذي عليه:
أن يقوم بتفنيد كل ما سبق ، والاستماع للبينة ،وفحصها ، والشهود ، والتغلب على تضليل بعضهم ، وتهرب البعض من الإدلاء بالشهادة في جريمة كهذه ، وربط اﻷدلة ببعضها ، وتحليل الواقعة وسبر غور نية المتهم للوقوف على وجود قصد القتل كل ذلك للوصول الى الردع وتحري العدل و القضاء بإنزال عقوبة الإعدام بحق القاتل وتجنب الحكم على برئ بعقوبة إن نفذت بحقه فقد قضي اﻷمر .
اﻷمر ليس بالهين كما يظنه البعض ، فالقضاء لن يحكم بإزهاق روح إنسان إلا إذا ثبت بأدلة يقينية لا يساورها أدنى شك ارتكابه للجرم .
فالتعجل بإعدام شخص قد يكون بريئاً أخطر من جريمة القتل بذاتها. والتسرع في ذلك نتيجة انتقادات ، أو مشاعر ، أو تعاطف ، أو رأي عام ، أو استهجان ، أو إلقاء اللوم بالتقصير ، وقد يكون مقصودا من البعض ، كل ذلك لن يعفي القاضي من الوقوف أمام الله ومحاسبته لوحده بمعزل عن هؤلاء الذين يكيلون الاتهامات دون علم .
وإن ما جاء في القاضي من وعيد وتخويف ما لم يأت نظيره إذ جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم:
يوتى بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقى من شدة الحساب ما يتمنى أنه لم يقض بين إثنين بتمرة .
وجاء أيضاً: من قعد قاضياً بين المسلمين فقد ذبح بغير سكين .
أعاننا الله وجزى الله خيرا كل من انتقد لسمو هدف.