نبذة عن المجلس الأعلى للقضاء

الخلفية التاريخية والبنية القانونية

لتشكيل المجلس الأعلى للقضاء واختصاصاته وآلية اجتماعاته

أولاً: خلفية تاريخية:

شُكّل أول مجلس أعلى للقضاء في السلطة الوطنية الفلسطينية بموجب القرار رقم ( 29) لعام 2000 الصادر عن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بتاريخ 01/06/2000م وبهدف توحيد مرجعيات إدارة السلطة القضائية في السلطة الوطنية بجناحيها (الضفة الغربية وقطاع غزة)، نظراً لاختلاف النظام القانوني والقضائي الساري في كلّ منهما، كما هدف القرار المذكور إلى ترسيخ أُسس توضيح العلاقة بين السلطة القضائية ووزارة العدل كجهة إشراف على إدارة المحاكم، كما وعمل القرار على تحديد الصلاحيات المذكورة لتتوافق مع مبادئ استقلال القضاء وسيادة القانون والفصل بين السلطات

وبتاريخ 2 ربيع أول 1422 هجرية الموافق 14/ 5 /2002م صدر قانون السلطة القضائية رقم (1 ) لسنة 2002 موضع التنفيذ في أراضي السلطة الوطنية الذي وضع حداً للازدواجية القائمة حينذاك في إدارة السلطة القضائية، وتبنى مفهوماً جديداً للإدارة، حيث أناط بمؤسسة المجلس وبرئيسه، الذي هو أيضاً رئيس المحكمة العليا، صلاحيات إدارة شؤون السلطة القضائية ومنها: تعيين القضاة وترقياتهم وإجراء الحركة في أوساطهم من نقل وندب وإعارة وتنظيم عمل المحاكم وتقسيمها إلى دوائر متخصصة “” تدريب القضاة، التفتيش على أعمالهم، وفي التأديب، وغيرها من المسائل ذات الصلة “” وكان ذلك في إطار تطبيق المادة (81) من قانون السلطة القضائية التي نصّت على تشكيل مجلس قضاء أعلى انتقالي مؤقت لمدة عام .

ثم وبتاريخ 18 / 05/ 2002م نُشر هذا القانون في العدد الأربعين من الوقائع الفلسطينية وأصبح ساري المفعول بتاريخ 18/ 6 / 2002م، وعملاً بالمادة (37) من قانون السلطة القضائية فقد أصدر الرئيس الفلسطيني بتاريخ 14 /05/ 2003 المرسوم الرئاسي رقم (8) القاضي بتشكيل مجلس القضاء الأعلى الدائم .

إلاّ أنه وبعد أحداث يونيه 2007م وعلى إثر استنكاف القضاة والإداريين والعاملين في محاكم قطاع غزة عن العمل أنشئ مجلساً للقضاء بمسمى مجلس العدل الأعلى كمجلس انتقالي له صلاحيات مجلس القضاء الأعلى الدائم وذلك استئناسا بنص الفقرة الثانية من المادة (81) من قانون السلطة القضائية ومن ثم تم تعديل هذا المسمى ليتوافق مع نص المادة (100) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل ليصبح باسم المجلس الأعلى للقضاء .

ثانياً: تشكيل المجلس الأعلى للقضاء:

من المعلوم بالضرورة لرجال القانون أن شكل إدارة القضاء يختلف من دولة إلى أخرى تبعاً للنظام القانوني والقضائي السائد والمطبق في كلٍ منها، فالدول المتبنية للنظام القانوني “الأنجلو- سكسوني” تُنيط برئيس و/أو قاضي القضاة كافة الصلاحيات المتصلة بإدارة السلطة القضائية، ومن تلك الدول: المملكة المتحدة (بريطانيا) وبعض مستعمراتها السابقة، أما الدول التي تتبنى النظام القانوني الفرنسي و/أو ما يُعرف بالنظام “اللاتيني” نجد أن تلك الصلاحيات تُناط بمجلس مُشكّل من القضاة أنفسهم بما يُعرف بمجلس القضاء الأعلى و/أو المجلس الأعلى للقضاء، مع إعطاء بعض الصلاحيات المحدودة لوزير العدل، والتي تنصبّ على متابعة الجهود مع الجهات المختصة لتوفير احتياجات القضاء من مقرات وأدوات لوجستية وخلافه والتسريع في تلبيتها دون التدخل في شؤون القضاة، وتعتبر مصر ودول المغرب العربي والأردن من بين الدول التي أخذت بهذا النموذج .

إلاّ أنه وفي أعقاب صدور قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 يمكن القول بأنّ المشرّع الفلسطيني تبنى نظاماً قانونياً وقضائياً أقرب إلى النظام “اللاتيني” منه إلى النظام “الأنجلو-سكسوني” فقد أناط صلاحية إدارة القضاء بمجلس مُشكّل من القضاة أنفسهم سُميَ باسم مجلس القضاء الأعلى (المجلس الأعلى للقضاء لاحقاً)، وبموجب القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لعام 2005 وقانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002، وقانون تشكيل المحاكم النظامية رقم (5) لسنة 2001 فقد أصبح المجلس المذكور هو الجهة المختصة بإدارة شؤون مكونات السلطة القضائية، وبموجب نص المادة (37) من قانون السلطة القضائية المشار إليه على أن: “ 1- ينشأ بمقتضى أحكام هذا القانون مجلس أعلى للقضاء يمارس صلاحياته وفقاً للقانون و يُشكل من :-

أ‌- رئيس المحكمة العليا رئيساً .

ب‌- أقدم نواب رئيس المحكمة العليا نائباً .

ت‌- اثنين من أقدم قضاة المحكمة العليا تختارهما هيئة المحكمة العليا .

ث‌- رؤساء محاكم استئناف القدس وغزة ورام الله .

ج‌- النائب العام .

ح‌- وكيل وزارة العدل ”.

ثالثا: اختصاصات المجلس الأعلى للقضاء:

نصت المادة (100) من القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2005م على أن:-

« ينشأ مجلس أعلى للقضاء، ويبين القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وقواعد سير العمل فيه، ويُؤخذ رأيه في مشروعات القوانين التي تنظم أي شأن من شؤون السلطة القضائية، بما في ذلك النيابة العامة » ، ويُعتبر هذا النص الدستوري وقانون السلطة القضائية المرجع الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء .

كما ويمارس المجلس الأعلى للقضاء اختصاصاته المنصوص عليها في قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 2002 ، ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:-

1) إعداد مشروع الموازنة.

2) إعداد نظام التدريب وتأهيل القضاة قبل مباشرتهم للعمل.

3) تعيين القضاة.

4) تحديد القواعد العامة لمدد الخبرة اللازمة للتعيين.

5) حضور أداء القضاة القسم قبل مباشرتهم لعملهم.

6) نقل القضاة وندبهم.

7) إعارة القضاة.

8) استلام استقالة القاضي.

9) تنظيم أعمال محاكم الصلح والبداية والاستئناف والمحكمة العليا وتقسيمها إلى دوائر متخصصة.

هذا بالإضافة إلى المسائل المتصلة بالتفتيش القضائي ووضع الأنظمة واللوائح التنفيذية التي نصّ القانون على أن يقوم المجلس بإصدارها.

وفي السياق ذاته نصّت المادة (39) من قانون السلطة القضائية على أنّ يتولى رئيس المجلس الأعلى للقضاء متابعة تنفيذ قرارات المجلس، كما ينوب عنه في صلاته بالغير ويمثله أمام القضاء بصورة عامة، يرى المجلس أنّ نصوص قانون السلطة القضائية المتعلقة بتشكيل المجلس وباختصاصاته تتفق مع الفصل السادس من القانون الأساسي الفلسطيني، وتتفق إلى حدّ ما مع المعايير الدولية والإقليمية ذات العلاقة باستقلال القضاء وفي مقدمتها مبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية لعام 1985 وبالرغم من ذلك، يرى المجلس بأهمية إجراء تعديلات على قانون السلطة القضائية وغيره من القوانين ذات العلاقة بحيث تتوافق مع المعايير المذكورة وتجسد مبدأ استقلال القضاء وسيادة القانون بصورة أمثل ومنها:

1) إزالة أيّ لبس و/أو غموض و/أو تداخل في الصلاحيات والمسؤوليات، والتأكّد من إعطاء المجلس كافة الصلاحيات في التدريب وفي إدارة المحاكم وفي ممارسة كافة الصلاحيات المتصلة بشؤون القضاة من التأديب وقبول الاستقالة، وذلك للحيلولة دون التأثير على هيبة واستقلال القضاء.

2) ضرورة إعادة النظر في النصوص القانونية الخاصة بالإشراف على الإداريين العاملين في المحاكم ومتابعة عملهم واتخاذ الإجراءات التأديبية بحقّهم ومنح تلك الصلاحيات للمجلس الأعلى للقضاء وللإدارات التي يكلفها بهذا الشأن.

رابعاً: اجتماعات المجلس الأعلى للقضاء وآلية العمل واتخاذ القرارات:

نظّم قانون السلطة القضائية اجتماعات المجلس والنصاب القانوني وآلية العمل وكيفية اتخاذ القرارات. فقد نصّت المادة (40) من القانون المذكور على أن:

1- يجتمع مجلس القضاء الأعلى بمقر المحكمة العليا مرّة كل شهر على الأقل.

2- يجتمع عند الضرورة بدعوة من رئيسه أو بطلب من وزير العدل أو من ثلاثة من أعضائه.

3- يكون الاجتماع صحيحاً بحضور سبعة من أعضائه على الأقل على أن يكون من بينهم الرئيس أو نائبه عند غيابه وتصدر القرارات بأغلبية الحاضرين وعند تساوي الأصوات يرجح الجانب الذي فيه الرئيس.

4- على الجهات الحكومية وغير الحكومية تقديم كل ما يطلبه مجلس القضاء الأعلى من بيانات و/أو أوراق أو وثائق ذات علاقة بصلاحياته.

ونصت المادة (41) من القانون المذكور على أن يضع المجلس الأعلى للقضاء لائحة بالقواعد التي يسير عليها في مباشرة اختصاصاته، ويجوز له أن يُشكل لجنة و/أو أكثر من بين أعضائه يُفوّضها في بعض اختصاصاته عدا ما يتعلق منها بالتعيين و/أو الترقية و/أو النقل.